جماعة ابحار الادبية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

جماعة ابحار الادبية

واحـةالأدب العربي التي تحتضن كل مشارب الفكر والابداع مستهدفة إرساء قيم الحريةوالحق والخير والجمال دون إسفاف أو ابتذال . من أبناء بورسعيد الى مصر والعالم العربي..
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 غزالة قاسم عليوة فى مراعى العشب السيموطيقى حاتم عبدالهادى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حاتم عبدالهادى السيد




عدد الرسائل : 1
تاريخ التسجيل : 09/04/2010

غزالة قاسم عليوة  فى مراعى العشب السيموطيقى حاتم عبدالهادى Empty
مُساهمةموضوع: غزالة قاسم عليوة فى مراعى العشب السيموطيقى حاتم عبدالهادى   غزالة قاسم عليوة  فى مراعى العشب السيموطيقى حاتم عبدالهادى Icon_minitimeالجمعة أبريل 09, 2010 4:45 pm

غزالة قاسم عليوة
فى مراعى العشب السيموطيقى
بين التصوف والفانتازيا السحرية
حاتم عبدالهادى السيد

hatem_20083@yahoo.com

___________________________________________________________________________________

تتوزع تجربة قاسم مسعد عليوة فى روايته الغزالة بين ماهو فنتازى سحرى ، وماهو واقعى ذاتى ، وما هوفلسفى صوفى ، ثم تؤسس لنفسها مساحة شاسعة فى برية السيموطيقا الصوفية ذات الدلالات الواقعية السحرية ، حيث عالم التصوف الذى يعيد انتاجيته بوعى شديد ، وربما بحضور متعمد ، يجنح بنا الى الأيديوجيا ، الا أنه يهرب بسرعة الى الابستمولوجيا ، ليعيد خلق تأسيس روائى قديم / جديد ، له نكهة الحاضر ، وصفة المعاصر ، واستشرافاً لحداثة ما بعد مفاهيمية ، تعيد تجديد الموروث الصوفى نحو وجهة نظر محايثة ، أو ذاتية ، تكشف لنا عن ثقافة روائى، أصفها بالرفيعة ، والمائزة ، والسامقة ، الا أنها تؤطر لنفسها اطاراً أيديولوجيا خانقاً ، يحجب عنها الفنية آنا ، الا أنه وببراعة شديدة ، يعبر بنا عبر دوائر الابستمولوجيا ، الى آفاق أكثر استشرافاً عبر حقول اللغة ، ودراميتها ، وعبر الحوار الفلسفى الروحى الميتافيزيقى الكونى ، بين المعلم ، وتلميذه ، والغزالة ، التى ترافق معلمه أينما ذهب ، لتتشكل الرؤية البصرية العقلانية لسرد جديد /قديم ، يصنع للموروث انزياحاً ليطرد كل غثّ فى المجتمع الذى يمور بتقلّبات الحداثة الفجّة ، والمفرّغة ، والملتبسة لدى الكثيرين ، فنراه عبر بساطة اللغة وفلسفتها ، يحيلنا الى منطق العقل ، والاستدلال الرياضى ، لنعبر عبر الفيزياء الرياضية الى مناح أكثر اشراقاً للذات الانسانية ، ليعيد تثوير المنجز الصوفى الروحى الفلسفى بشكل يجمع فيه بين حكمة سقراط ، وخرقة ابن عربى ، وفيوضات الحلاج ، وعقلانية الغزالى ، وسيموطيقية سارتر، وجدليات نيتشة ، وتموّجات ماركس وأوهامه التاريخية ،عبر فلسفة الوجود ، والوجود الفلسفى ... ألخ.
ان هذا الهطول المتواشج يجعلنا فى حيرة التصنيف أمام نص سردى روائى وليس رواية بمعناها المتعارف القديم ، لأنها تجمع - عبر النوعية - بين أطر دراماتية ، وحداثة عبر مفاهيمية ،مستشرفة أفقاً كتابياً جديداً ، لاعادة انتاجية تراث روحى ، تربينا عليه جميعاً كمثقفين ، عبر تموّجات الكونية ،والحداثة ، والعولمة ، بل وعبر الاشتراكية ، والنظم الرأسمالية ، والحديث عن اقتصاديات السوق والجغرافيا الثقافية ... ألخ.

اننى اذ أسوق تلك المقدمة - ربما - لأعبر بالنص الروائى ، من مساحته الفنتازية ، لأحيله الى الواقع ، بغية تفكيك بناه ، للاطلاع الى رؤاه وغائياته المتوارية خلف ظاهر حقول اللغة الفلسفية الممتدة عبر نصه الأسنى ، والأبهى ، والبسيط كذلك ، والسامق أيضاً

ان الالتباس يحيلنا الى دهشة الميتافيزيقا ، فيجعلنا مبهورين بجماليات اللغة ، وعمق الفلسفة ، وتجلّى الحكمة ، والبرهان الصوفى ، وانفتاح المدى الكونى بكشوفات ، وفيوضات ، وتجليات صاحب الخرقة ، الذى يمتلك العالم ، وناصية العلم والأفكار، والثقافة ، فنراه يعيد رتق شراع سفينته التى أصابها العطب ، لتنطلق للابحار من جديد.

ولنا ان نقتطع جزءاً من هذه النصوص السردية لندلل عما نقول ، يقول قاسم مسعد عليوة فى فصل ( فى البصر والبصيرة ) : ا

فى البصر والبصيرة
(1)
على رأس تلةٍ، وأمام الأفق المنسرح، كنا نجلس. مُعلـِّمى يتأمل وأنا أجتهد.
بعد بُرهةٍ رأيته يلتفت نحوى ويقول:
ـ تيقظ.
ولمَّا كنتُ متيقظاً بالفعل، قلتُ :
ـ أنا يقظ ٌيا مُعلـِّم.
قال :
ـ عينك يقظى، وقلبكَ يغط ُّغطيط َالساهين.
(2)
أدخلنى مُعلمى كهفاً تستدعى ظـُلـْمَتـُه نزع الرموش والأجفان.
سألنى:
ـ هل ترى؟
أجبته :
ـ لا يا مُعلم.
قال:
ـ فاخرج إلى الشمس إذن وانعم بعماك.
(3)
مِن ظلمةِ الخارج برزَ إلى مجلس مُعلـِّمى مُريدٌ مُنـْهَكٌ وجثا أمامه وعَفـَّرَ وجهه بالتراب، فأوقف مُعلمى الدرس وأقـامـه والتفتَ إلىَّ وإلى الحاضرين، كأنما يُشهدنا على برهان ما كان يدرِّسه لنا، وسأله :
ـ ما بك؟
بوجهٍ أسيفٍ وصوت تُصفـِّرُ فيه الريحُ قال المُريدُ:
ـ ما عدتُ قادراً يا مُعلـِّم على تحمل مشقات ما كلـَّفتنى به مِن رياضةٍ ومجاهدة.
فأقامه، وبنظرة واحدة جمعنا، ثم قال:
ـ ابصروا يا مَن أنهكتكم الرياضة والمجاهدة إلى هذا البائس المُعَنـَّى، واعلموا أن التحملُ يفوق الاجتهاد ويحتويه، فبدون تحمل لا يكون اجتهاد، وبدون اجتهاد لا تكون بصيرة.
(4)
استدار مُعلـمى فجأة وهتف بى:
ـ هل عميت؟.. تتبعنى بعينين مفتوحتين؟!
مفزوعاً أغلقتُ عينىَّ، وكانت عينا مُعلمى المفتوحتان على أقصى اتساعهما آخرَ ما أبصرتُ. قلتُ :
ـ لكنك يا مُعلـِّم تفتح عينيكَ على أقصى اتساعهما.
فتركنى ومضى مُخـَلـِّفـَاً صوتـَه:
ـ كى يتقحمهما القذى فتقودنى البصيرة ُوتقودكَ.
(5)

فى الصحراءِ رَحَّبَ بى مُعَلمى وقالَ:
ـ أنـَّى دَخـَلـَتَ ففى بيتِى مُتسعٌ لكَ.
أجَلـَتُ ناظِرَىَّ فيما أمامى فلم أبْصِرْ سِوى الرمل والسماءِ.
قالَ:
ـ لو دقـَّقـْتَ لأبْصَرْتَ المطبخَ والسريرَ وبيتَ قضاءِ الحاجةِ ومصافى الضوءِ وملاقفَ الهواءِ ومزاريبَ المطرِ.
خـَشِيتُ على عقل مُعلمى فقلتُ:
ـ لكن لا أسَوار أمَامى ولا جُدُر ولا أبْصِر نوافذ أو أبواب أو سُتر.. ومَا الحَاجَة إلى مزاريبٍ فى صحراءٍ لا طلّ فيها ولا مَطر؟
قالَ :
ـ لا يُضَاهِى عَيَّكَ سِوى عَمَاكَ.. اغمضْ عينيكَ تـُبْصِرُ كلَّ شىءٍ .
(6)
تحت سماءٍ تنيرها النجوم اللوامع، وفوق بطحاء لا تـُحَرِّك سكونـَها ريحٌ ولا يُعَكـِّر هدوءَها صَوْتٌ، نـَدَّتْ عنى تنهيدةُ ارتياح ما كنتُ لأظن ـ مِن فرطِ خفوتها ـ أنها ستلفتُ انتباه مُعلمى، لكنه التفتَ وقال بخفوتٍ أشدٍّ:
ـ لا تنظر إلى الكون بغير عين النقص.
قلتُ بنفس النبرة:
ـ لكنَّ الاكتمالَ مُبْهـِرٌ يا مُعلـِّم؟
قال:
ـ الاكتمال يوهن الهمَّة والنقصُ يثيرها
(7)
فى السوق قال لى مُعلمى مِن تلقاء نفسه :
ـ سأقول لكَ قولاً قاله مُعلمٌ فى الأزمان الخوالى.. البصيرة كالبصر يجب غضها عن مساوئ الناس
(Cool
مِن زقـَاق إلى الجادةِ التى هممنا بمغادرتها خرج اثنان، مبصرٌ وكفيف. كلاهما كان يخاصرُ الآخرَ فلا ندرى أيهما يقودُ رفيقـَه. تفادتْ أقدامُهما عثرات الجادةِ وأوْضـَارهَا، قدمٌ تنتقلُ بحذاءِ قدم. ومِن الدكاكين برزتْ عطايا الخيرين ومُدَّتْ باتجاه الكفيف واستقرتْ فى مخلاةِ المبصر. لمَّا مرَّا بنا لم أميزُ فيهما سوى العيون، فعينا المبصر مفتوحتان وعينا الكفيفِ مَسْمُوُلـَتان، أما النعال والأسْمَال والملامح فواحدة، جلدٌ وقماشٌ وإهاب.
بعد أنْ تجاوزانا اتخذتُ سَمْتَ العارفِ وقلتُ:
ـ لا غِنى للضريرِ عن البصير.
فنظر إلىَّ مُعلـِّمى، تلك النظرة التى أتمنى معها لو ساختْ الأرضُ مِن تحتى وابتلعتنى، وأكملها بقوله :
ـ ما زلتَ أيها العيى بمنأى عن إشراقاتِ أهل الطريقةِ بمسافاتٍ وفواصل
لم أقدر على مخاطبته بلسانى فرجَوْته بعينىّ أنْ صَحِّحَ لى ما زلَّ به لسانى، فقال:
ـ حاجات البصير موصولة ٌبحاجات الضرير.
وفى البعيدِ أبصرتُ الاثنين وقد تماهيا فى بعضيهما البعض لدرجةٍ صعبَ على معها فصل أيهما عن الآخر..

ان هذه المقاطع المتتابعة ، أو المتوالية السردية ، الفلسفية ، الحوارية تجعلنا نقف متسائلين : هل نحن أمام رؤى فلسفية للواقع ، والحياة والكون ، والعالم ، والذات ، أم أننا أمام واقع سحرى ، لتجليات اللغة يمزج فيها المؤلف بين : ما هو واقعى ، وما هو سحرى صوفى ، ليعيد انتاجية الذهنية ، للنظر، والتفكير، والبحث ، واحداث الحراك أوالعراك العقلى ، فى المسافة بين : الفن والفلسفة ، وبين التصوف والابداع ؟

كما تحيلنا النصوص الى ميتافيزيقا سحرية ،عبر معادلات موضوعية ، ودلالات ، ومفارقات ، ودوال ، تفتّت الصورة الكلاسيكية عن الرواية ، وتفتح لها أفقاً ابستمولوجيا ، تجاه الفلسفة والعلوم الانسانية ، والكونية ، وعالم الروح ،أفقاً يخرج من عباءة الايدلوجيا ، والفلسفات ، ليحيلنا الى عالم الميثولوجيا والحكايات ، يربط الخيال ، بالوهم ، بالواقع ، ليعيد انتاجية المتخيّل الواقعى بعجائبيته ، ودهشته ، للخروج بالسرد الى ماوراء حدوده الواقعية ، لذا يعتمد السارد ، أو الراوى ، قدرات الخرافة ، والحكاية الأسطورية والتراثية ، والتى تحتفظ فى الوقت ذاته بصلات ارتباط اجتماعية قوية تمنحها ثبوتية للادراك ، وواقعية لتقبّل العقل لما هو كونى فنتازى ، أو سيمولوجى / ابستمولوجى ، لمحايثة تصديق الخيال ، اذ تجىء الشخصيات فى الواقعية السحرية بمزيج بين الواقع والخيال ، فنرى قدرات الشخصيات على الطيران ، أو السباحة فى الهواء ، والتخاطر والحركية ، أى أن العادى يتحول الى ادهاشى ، أو أسطورى ، مثلما نرى الغزالة التى تطير به ومعلمه ،عبر صحراء العالم ، لتعيد الى فانتازيا التصوف ، أبعاداً سحرية جديدة ومتناصّة ( التّناص ) فكأنه الخضر مع موسى عليه السلام ، يعلّمه ماهيات التناقض الكونى الواقعى ، لبعديّات واحداثيات الرؤى الغيبية ، أو الاستشرافية لمتناقضات : القتل ، أو خرق السفينة ، أو اقامة الجدار !!.لذا نراه يقول فى الفصل الأول ، أو فى الباب الأول لنصه : ولكم فى المجاز حياة / قلت لمعلمى أتبعك : ( رافقتنا الغزالة ونفعتنا نفعاً كثيراً ، صعدت بنا كثباناً ، وهبطت بنا كثبان ، دلتنا على مفازات ما كنا لنكتشفها لولاها ، أنقذتنا من ثعابين ، وداست على عقارب ، وأوردتنا مناهل لم نرتشف ماء أعذب مما فيها : واذ نتفيأ بعض العساليج مال الى معلمى وسألنى : - ما رأيك فى غزالتنا ؟ نذبحها ؟

فتمنيت لو أنه حشى فمى رملاً ولم يسألنى هذا السؤال )ا

انها الغزالة المسحورة ، غزالة الصوفىّ ، التى تشبه العنقاء فى التراث الأسطورى ، أو البراق فى الموروث الدينى الاسلامى ، أو هى عصا موسى التى تقوم بالمعجز ، للتدليل الى عظمة الخالق ، انها رؤى صوفية خالصة ، ورؤى أسطورية لغزالة قاسم مسعد عليوة/ الراوى / السارد ، ومعلّمه ، وهى كذلك رمز للحلم أمام انكسارات الواقع ، فهى صوفية تجنح بالخيال لترتطم بصخرة الواقع ، فتضفى عليه السحر والأساطير ، لتعيد انتاجية الفضيلة ، والقيم الروحية والدينية من جديد ، ولتعطى - كما رأيناه يسرد - فى ( مدينة اللذة والانبساط ) صورة أخرى لعالم واقعى مشوّه ، فيه التملق للحاكم والفساد ، والقسوة ، والتفاهة التى تتسيّد ، والحاكم المشغول عن قضايا شعبه بتأليف رواية ، أو بتلحين مقطع موسيقى لمدينة اللذة والانبساط ، حيث تعرض العاهرة - هناك - ثدييها وجسدها الشمعى بلا مقابل ، وربما تمنح أصحاب النفوس المتعطّشة حافزاً اذا جاءوا بزبائن آخرين ، لتستمر مسيرة الشبق الايروتيكى لديها ، حيث العهر سيد الأشياء ، لذا نرى المعلم يخطب فى الناس ، فتقوم ثورة ولكن الحاكم ينجح فى القضاء عليها ، بهراواته ، وجنوده ، ثم يعرض عليهم روايته الجديدة ليتلهّوا بها عنه ، وهكذا يترك المعلم الغزالة خارج نطاق هذه المدينة الفاسدة ، لأنها دليل الطهروالعفاف ، وهى الرمز الروحى لعالم الفضيلة والمثل ، والقيم الروحية ، ومعلمنا انما يدخل هنا ، ليعلم تلميذه كيف تستمر الحياة فى هذه المجتمعات التى تتلهّى بأثداء النساء وأجسادهن ، وبعقول الرجال وأحلامهم ، دون نظر الى فضيلة تذكر، أو مستقبل مشرق جديد

ان الرواية تحيلنا الى عوالم جديدة ، وشرائح مجتمعية مختلفة ، لمن يدّعى العلم ، والفلسفة ، والطريقة ، ومن يتشدق بأنه صاحب كرامات ومعجزات ، ومن هو متعالم وفيلسيوف ، ومن هو يحارب بصدق وآخر لايبال بالحرب والجثث ونصرة الأوطان.

انها صورة مصغرة لوطن غائب ، وطن متشظّى غريب ، الفوضى تحكمه ، والأيديولوجيات تهيمن عليه ، ولا مجال للفضيلة فكأننا فى آخر الزمان ، أو أننا أمام أهوال القيامة بفجيعتها ، مؤمنيها وكفارها ومتصوفيها وعلمائها ، ومثقفيها ولصوصها ، وهو فوق ذلك يسرد لنا بفلسفة تشى بعلميّة تارة ، وبلغة شعرية تارة ، ليعيد بالشعر تلطيف الحوار الفلسفى ، ربما ليقنعنا كذلك بدراماتية الوصف ، ودينامية التنامى للسرد ، وربما ليرقّق مما هو ذهنى ، ليعيدنا الى ماهو حسى واقعى ، وما هو مجرد متخيّل ، فنقف معه مشدوهين ببلاغة السرد المكتنز ، وبالشّعرية المتدفّقة ، والتصوف الذى يدبّق لغة السرد المائزة والسامقة أيضاً .

هذا وتمتد تجلياته وكشوفاته عبر سرده الهادىء المبسّط ، الواقعى والرامز ، والاحالى والمفارق ، وعبر صوره الكونية الميتافيزيقية الجانحة نحو خيال أقرب الى الواقعية ، أو الى واقعية أكبر من الادراكية ، والتى تحدث فى التصورات الذهنية ادهاشيات المفارقة ومقاربات السيمولوجيا ، لتحيلنا الى عالم سحرى واقعى فنتازى حالم جميل ورائق ، وصوفى كذلك .

انها رواية عصرية - كما نرى فى مشاهداتنا - ولا أقول فى تحليلنا فهى رواية التحولات الانسانية النفسية ، التى تطهّر الفرد ، وتعيد تشكيله ، وتحرك رؤى المجتمع من منطلق جمالى ، وان جاءت الصوفية كعبورلأيدلوجيات اجتماعية ، وسياسية ، واقتصادية ، الا أن الكاتب قد نجح ببراعة لالتقاط صور ذهنية فلسفية ، أعاد تشكيلها بمعطى جمالى ، لتندغم الفلسفة بالجمال بالسرد ، فى تماه ادهاشى لا تشعر معه بفلسفة متشدقة ، أومقحمة ، ولا بصوفية مغزة ، أو مغلقة فى ترميزها ، بل ترى فيها ، صورة صافية لسرد حداثى يعيد انتاجية الوجود الانسانى بقضاياه ويجنح للارتفاع بالواقع القلق القبيح ، الى سماء سحرية ،عبر موسيقا السرد الروحى ،الذى يتعانق فيه ما هو شعرى بما هو فلسفى ، وماهو جمالى بما هو سحرى ، ليعيد رتق الواقع بالحلم ، لتنتظم عجلة الوجود الانسانى.

هذا وتجىء النهاية ملغزة ، لتدلّل الى قضية فلسفية عميقة ، هى قضية الحلول ، أو أوهام السوق عند المناطقة ، أو اعادة الانتاجية لدى رجال الاقتصاد والمجتمع ، لتعيد تتابع التجربة ، وتبادل الأدوار، فها هو بعد أن هجره شيخه ومعلمه ، وظنّ نفسه تائهاً ، فى منعطفات الحياة ، لم يتعلم شيئاً ، تنفتح له طاقة النور ليعيد اكتشاف ذاته ، أو ليعيد تثوير رؤاه وقناعاته ، وادراكيته بثبوتية كشوفاته ، اذ لم يكن يحلم ، بل كان يعيد انتاجية الذات ، لتسمو الى عالم الروحانيات فنرى النهاية التى كادت تعصف بشكّه الفلسفى العقلى ، وكراماته بفعل التحوّل ، والتّمحور ، والمعايشة ، والخلوة ، والمرافقة لمعلمه والغزالة ، واذ بالمرأة التى تصادفه بعد أن فقد القدرة بنفسه وبتفكيره تسأله عمّا تعلّمه ، وعن فيوضاته ، فنراه يشيح عنها ، الا أنها تباغته بقولها :ا

أرنى بعض ما علمت

آيساً قلت :

- ما أنا بعالم .

هزتنى حتى كادت خرقتى تسقط عنى :

- تواضع مع علم شيمة قد ترضى الكافة الاى...

من فرط عيّى تركتها وانصرفت فاعترضتنى :

- يمكن عمل الكثير من علم قليل .

ثم فاجأتنى بشلح ثوبها ، فجفلت ورجعت القهقرى ، فيما أخذت تقهقه حتى رأيت الدموع تسيل من عينيها . لما توقفت سمّرت بؤبؤيها فى بؤبؤى وقالت :ا

- يا أخرق ..ز لاتجفلن من موطن نجاتك

وبرفق مدت ذراعيها وأمسكتنى ، وبمهل شديد راحت تدنى جسدها البضّ منى ، وأنا مشدود متصلّب لمّا مستنى طراوتها ، استعذبت النعومة والدفء المنسربين الى جسدى ، وبكامل وعيى وادراكى رحت أبحث فى جسدها عن موطن نجاتى ، وأجمل ما رأيت رشأ رشيقاً جاءنى مسرعاً وراح يتمسح بساقى دون أن يعطلنى عما أفعل .( تمت )ا

ان هذه النهاية الادهاشية الغرائبية ، تعيد تشكيل الفكر الصوفى ، لتحيله الى معاصرة كونية ، يتماهى فيه الحلم ، والخيال ، والواقع وتتجلى الفيوضات ، والفتوحات البهيّة ، وتتشكّل فى صورة امرأة الحلم ، التى تعيد تشكيله ، وتثويره ، لتكون له غزالة ، مثل معلمه وهو فوق كل ذلك ينهل من شهد رضاب سحرى ، لواقع فى أفق سرمديته العقلية الروحية المتخلّقة بفعل السحر الروحى الكونى الصوفى الحالم ، او لربما دفعنا نزقنا الفلسفى لنقول : ان المعلم كان هو هو التلميذ بدليل عودة الغزالة اليه والخمر الروحى الذى ينسرب مع خمر الجسد المتخيل والواقعى والفنتازى السحرى أيضاً .

هل ثمة نهاية أجمل من هذه ، ليعيد فيها انتاجية عالمه الذاتى، والذى ينعكس على الواقع والأشياء ؟!.

فلربما بالحلم تتحقق المعجزات ، ولكنها تتحق فى الواقع بالفعل والعمل ، وبانتظار لحظة الجموح الكونى لعالم المثيولوجيا والجمال الميتافيزيقى ، عالم الغزلان ومدن اللذة ، مع الحبيبة السيمولوجية التى تعبر بالأفق الكونى ، الى آفاق أكثر اضاءة ونوراً لعالم جديد مشعّ ، ساحر وأخّاذ ، ورائع أيضاً .



حاتم عبدالهادى السيد

مصر - شمال سيناء - العريش - ص ب 68

0119629883

hatem_20083@yahoo.com
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
غزالة قاسم عليوة فى مراعى العشب السيموطيقى حاتم عبدالهادى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
جماعة ابحار الادبية  :: الإبداع الدرامي :: دراسات نقدية-
انتقل الى: