جماعة ابحار الادبية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

جماعة ابحار الادبية

واحـةالأدب العربي التي تحتضن كل مشارب الفكر والابداع مستهدفة إرساء قيم الحريةوالحق والخير والجمال دون إسفاف أو ابتذال . من أبناء بورسعيد الى مصر والعالم العربي..
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مقطع من ترجمة محمد المغربي.. جديد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
غريب السحراوى

غريب السحراوى


عدد الرسائل : 22
العمر : 63
تاريخ التسجيل : 09/03/2008

مقطع من ترجمة محمد المغربي.. جديد Empty
مُساهمةموضوع: مقطع من ترجمة محمد المغربي.. جديد   مقطع من ترجمة محمد المغربي.. جديد Icon_minitimeالجمعة مايو 28, 2010 10:01 am

العمالقة - لجون ستوفر
لقاء الرئيس

10أغسطس1863

حلم فريدريك دوجلاس بعودة حميدة لموطنه أفضل مما رأى، ففى ليلة العاشر من أغسطس الدافئ الرطب من عام1863 ، دلف قطاره إلى محطة بالتيمور، المدينة التى هرب منها على نفس الطريق قبل ذلك بخمسة وعشرين عاماً ، وكان قد غادرها متنكرا بواسطة قطار الإنفاق ، ويعود الآن إلى بالتيمور وأوهايو فى قطار النوم بالدرجة الأولى ، وبينما يقترب قطاره من محطة شارع رئيس الدولة ، تطلّع بشغف عبر "شيش" النافذة نحو الشوارع المألوفة ، الخالية الآن ، والحدود القائمة لملامح المبانى ، وعقد أمله على وقفة قصيرة بها ، فالعبودية مازالت قانونية فى ميريلاند ، وكان قد قرأ عن بعض المزارعين اللذين يخطفون السود الأحرار ويقومون بتشغيلهم كعبيد .
كان يمر مروراً عابرا متجهاً نحو واشنطن المقاطعة ، حيث قام الكونجرس بإلغاء العبودية هناك منذ عام سبق ، و هدفه هو البيت الأبيض ، وكان أمل ذلك العبد السابق مقابلة الرئيس لنكولن ، ولم يكن لديه أى موعد محددٍ معه ، وفى الحقيقة كانت رحلته فجائية التخطيط ، لكنه رغم ذلك سعى لمواجهة لنكولن لإبلاغه شكاواه حول سوء معاملة الإدارة للجنود السود ، إذ كان يطالب لنكولن مذ بداية الحرب من خلال خطبه وكتاباته الصحفية بضرورة تسليح السود ، وظل خلال الستة أشهر الفائتة- وبعدما سمحت الحكومة أخيرا للسود بالخدمة في الجيش - يحرض ويجند"الملونين"للقوات المسلحة كوسيلة للقضاء على المتمردين ولتحقيق حرية السود وحقوق المواطنة ، فساعد على حشد سجلات متطوعى القوة الرابعة والخمسين لولاية ماساتشوستس ، أول كتيية من السود من ولاية حرة في هذه الأمة، وكان اثنان من أبنائه من أوائل المسجلين بها.
وقد جُرح ابنه الأكبر خلال القتال اليائس الذى وقع بحصن فورت واجنر، لكن الجنود السود كانوا يتقاضون نصف أجر الجندى الأبيض ، ولم يكن يُسمح لهم بأداء الخدمه المميزة وبقي أمامهم الأسوأ ، فالسجناء السود كانوا يُغتالون أويُستبعدون بواسطة الإتحاديين ، وبسبب هذا الظلم هجر دوجلاس مسألة تجنيد السود وقرر الذهاب لواشنطن لتقديم شكواه للرئيس ، وقد تلاشى إيمانه – تقريبا- بأن لنكولن رجل أعمال لا أقوال ، حيث أعلن أنه يأمل أن يستعيد إيمانه بذلك الرجل "الرئيس"وبالأمة .
وأوشكت الرحلة الطويلة من روشيستر على الإنتهاء ، رغم اعتياد دوجلاس على السفر بالقطارات ، وازدياد السفر تحسنا أثناء الخدمة بشكل ملحوظ منذ ركوبه الأول فى بالتيمور عام 1838 إلاّ أنها كانت رحلة غير مريحة ، فالسُرر فى كبائن النوم كانت- أساسا- مقاعد قُُلبت إلى ألواح رفيعة ، ومع الاهتزازات المستمرة وتأرجح العربات أضحى تأثيرها "كمحاولة النوم على ظهر حصان هارب "، إذ كان الاهتزاز حاداً لدرجه أن القراءة والكتابة - فرضاً- بَدَتْ مستحيلة ، وانهمرت خلال الرحلة موجاتٌ من التراب والشرر ودخان الفحم عبر"شيش"النوافذ ، وبينما يقترب دوجلاس من نهاية رحلته المتعددة الأيام ، كان التعب قد أجهده وآلمته عضلات جسمه من قلة حركتها ، وغطته طبقة رقيقة من السناج "الهباب"الأسود،إلاّ أن ملابسه القاتمة وسحنته "السوداء" أخفيا ذلك السناج ، وتلك كانت من اللحظات القليلة التى تحوز فيها البشرة السوداء ميزةً ما ، ومع نهاية الرحلة بدا كل واحد "أكثر سواداً من مواطنٍ حبشى"، مثلما ذكر أحد المعاصرين، ولم يكن هناك مكان "للاغتسال" بالقطارات .
وبينما يقترب القطار من واشنطون ، تساءل دوجلاس عما إذا كان يجب عليه الحضور أم لا ، حيث كان من الخطر على رجل أسود السفر إلى بلاد مازالت بها العبودية قائمة ، وقد هدأت حدة غضبه ونقمته إلى حد ما ، لأنه عندما هجر تجنيد السود علم أن لنكولن وقّع قراراً يستهدف منع الاتحاديين من اغتيال السود ، ينص على"أن كل جندى قتل - فى حالة انتهاك لقوانين الحرب- جندياً متمردا سوف يُنفذ فية حكم الإعدام "وكان هذا القرار واجب الصدور من عدة أشهر مبكرة قبل اغتيال المئات من الجنود السود "لقد صدر متأخراً، لكنه صدر على أية حال".
كان الوقت يوشك على الفجر عندما غادر دوجلاس المحطة عند ميدان نيو جيرسى شارع سى ، على بعد عدة بنايات من مبنى الكابيتول ، إلا أن المدينة كانت تعج بالبشر، ولم يملك نفسه من ملاحظة العدد الكبير من السود ، وبعضهم أخذ فى العمل فعلا والقليل منهم ينامون فى العراء، إذ خلال فترة تزيد قليلا عن العام انحدر أكثر من أحد عشر ألفا من السود المحررين"رجالا ونساء"- وكانوا يسمونهم محظورات الحرب - إلى وسط المدينة بينما قطن ثلاثة آلاف آخرون ضاحية الأسكندرية بالقرب من نيوجيرسى".
ولم يشبه دوجلاس أياً من اولئك السود "المسموَّن محظورات الحرب" فهو صاحب الخمسة وأربعين عاما من عمره يحمل شكلا مميزا، إذ هو طويل يتجاوزالستة أقدام ورياضى يرتدى زياً رسميا مع معطف داكن اللون وقميصا أبيض ذا ياقةٍ عالية ، وقد اختلط شعره باللون الرمادى ويحيط برأسه مثل كرة أرضية سوداء رغم أنه قام بتصفيفه للخلف ، وأعلى عينه اليمنى من فروة رأسه خصلات بيضاء تمتزج بسيمترية المشهد ممتدة حتى تتحول للون الرمادى عند مؤخرة الرأس ، ولحيته رفيعة مشذبة بعناية فحمية اللون ، تضيف جإذبية لهيئته ويبدو بها كلها"عظيما فى هيبته"وفقاً لما ذكره أحد الملاحظين ، وفى المقابل كان بقية السود يرتدون خِلقاً بالية وملابس مهلهلة أخذوها حينما كانوا يهربون من أسيادهم السابقين ، وكان بعضهم عاريا ، وأغلبهم كان حافياً والعديد منهم بدا عليه المرض والإعياء.
كما كان دوجلاس يعرف أن الجدرى قد انتشر بين هذه الجماعات التى كانت تقطن معسكرا للجيش يسمى داف جرين و يقع على شمال مبنى الكابيتول ، وانتشرت بينهم الحصبة- كذلك - والدفتريا والزهرى وحمى التيفويد ، وكانت تمر- فى بعض الأيام- جثثُ عشرات الموتى بديف جرين مسجلين خلال أربع وعشرين ساعة . وبمقارنتهم بدوجلاس تبدو تلك الجماعات منحدرة- تقريبا-من صنف مختلف للنوع الإنسانى لكنه كان يعلم أن معظم البيض سوف يصلون الحلقة بينه وبين اؤلئك بسبب لون بشرته مباشرة .
واختلطت جموع المحظورين هؤلاء بجنود ولايات الإتحاد فى الشوارع، كان بعضهم فى نوبة عمله ، وبعضهم الآخر يمضى بجراحه الواضحة أو بساقٍ أوذراع مفقودة مرتديا بزته الرسمية ، ويظهر على البعض الآخر معالم المرض أو التشرد، وكانت المدينة تعج بالمستشفيات التى كانت كنائس وكليات وفنادق تم تحويلها مع مجمعات أضخم لإدارات السلاح والقضاء وحتى مكاتب السجلات تحولت إلى مستشفيات ، وفيما بين تجمعات"المحظورين"هؤلاء وبين المستشفيات بدا الأمر كمدينة للموتى والمحتضرين .
كان هناك قلة من البيض الذين يملكون مالا ، و مع الحَر والرطوبة ووجود مئات من المحررين الجُدُد رجالا ونساء أضحت المدينة معرضةً للمرض ، وقد غادر الأثرياء المدينة إلى منتجعاتهم الصيفية، وقد كتب جون هاى سكرتير لنكولن لأحد أصدقائه قبل وصول دوجلاس بثلاثة أيام عن ذلك "أصبحت هذه المدينة كئيبة كشاهد قبر ممسوح ، فكل إنسان فيها ذهب بعيدا"إذا ما كان يملك الوسيلة لذهابه ، مما يعنى أن كل إنسان يجد مكانا آخر فإنه يغادر من فوره ، وكان هؤلاء يشكلون نسبة ضئيلة وسط مواطنى واشنطون البالغ عددهم خمس وسبعون ألف نسمة .
وبينما كان دوجلاس يمضى قاصداً البيت الأبيض لم تكن لديه أدنى فكرة عما إذا كان سيحصل على موافقة اللقاء أم لا ، وإذا ماحدث ذلك اللقاء فما نوع الإستقبال الذي سيلقاه لأن كل ما كان يملكه كمدخل لهذا الشأن مجرد علاقات واهية مع قليل من أعضاء الكونجرس المناهضين للعبودية وسمعته كناشط ضد الاستبعاد ومؤلف وصحفى مع خطاب يحمله فى جيبه من جورج ستريمز، وهو ثورى من بوسطون ينتمى للطريقة البراهمانية ، وكان يقود حركة التطوع فى الشمال وله علاقات جيدة بالمسئولين فى واشنطن ، ويصرح جورج لدوجلاس فى خطابه بأن يذهب لواشنطن "كوكيل لى للقيام بالأعمال المتعلقة بخدمات التطوع"ولم يكن أكثر من مجرد خطاب للتعريف والرعاية يشمله الغموض حيث كان جورج لايعرف لنكولن جيدا.
وبالنسبة للتصريح بدخول البيت الأبيض كان دوجلاس يأمل فى أن يُحدث اسمه تاثيرا أكبر من ذلك الخطاب البرهمى وقد انقلب حظه فجأةعندما اصطدم بصامويل بوميروى عضو الكونجرس المعارض للعبودية عن ولاية كانساس والمولود فى ماساتشوستس والذى تلقى تعليمه فى كلية أمهيرست .
وكان بوميروى خليطا من التهذيب الإنجليزى وبدائية مدينة دودج" وكان ضخما وسمينا بالرغم من عدم طوله" برأس أصلع عدا بضع شعيرات تجرى عبر فروة رأسه إلى الخلف حيث تتناثر فى تعرجات من الخُصَل حول أذنيه مع لحية مكتملة تكاد تخفى شفتيه الرقيقتين، اللتين حينما يغلقهما تبدوان كابتسامة باهتة أو ساخرة لا يمكنك تحديدها .
صنع بوميروى لنفسه اسماً- فى البداية- كوكيل تمويلى لشركة مساعدة مهاجرى نيو انجلاند، تمتلك مايربو على مائة ألف دولار تمد بها المستوطنين الذين يرغبون فى الاحتفاظ بكانساس آمنة من العبودية وكان دوجلاس وبوميروى يتشاركان الهدف مع ثالث هو جون براون ، لكن بينهما كان كل من دوجلاس وبراون أصدقاء حميمين لم يكن هناك حب بين بوميروى وبراون إذ كان الأخير نافذ الصبر مع الرجال الثرثارين، ومن هنا شبه بوميرى بديكٍ يمشى مختالا .
ولكونه نائباً بالكونجرس تمتع بسمعةٍ ذات وجهين ، فمن ناحية كان معروفاً بمعارضته العنيدة للعبودية ، لأنه بالفعل كان قد قدم مشروع القانون الذى أصبح قانون المصادرة فى السابع عشر من يوليو عام 1862، الذى أدى لتحرير العبيد الذين هربوا من سادتهم إلى حدود ولايات الاتحاد ، وقام بتشجيع لنكولن لإصدار إعلان الاتفاق فى الأول من يناير عام 1863 الذى أكد أن العبيد فى الولايات المتحدة هم "دوما أحرار"، ومن ناحية آخرى ارتبط اسمه – حديثاً- بالصفقات الخلفية والفساد والرشوة .
وسواء عرف دوجلاس ذلك الجانب السيئ لبوميروى أم لا ، إلاّ أنه قَبَلَ عرض النائب بمرافقته فى مهمته بكل سعادة ، ذهبا أولا إلى مبنى إدارة الحرب بالقرب من البيت الأبيض فى منتزه الرئيس حيث طلب دوجلاس لقاء إيدوين ستانتون " وزير الحرب " وكان معروفا بإدارته الجيدة للقاءات ، وهي طريقة فعالة جدا ولا أستطيع أن أقول غير مثمرة .
أى أنه موظف بيروقراطى كفء وبارع يشبه أستاذا جامعيا و يسهل التعرف عليه بواسطة بدانته المماثلة لشرائح اللحم السميكة ولحيته الطويلة المستقيمة المتأرجحة عبورا نحو صدره ، وكان يعلم بعضاً من الأمور عن دوجلاس فأتاح له مقابلة تمتد ثلاثين دقيقة اعتبرها دوجلاس مَيزة خاصة له.
وخلال اللقاء وجد دوجلاس ستانتون " رجلا بارداً وعمليا إلى حد ما ، لكن بإخلاص". وشرح له أن على الحكومة أن تتفهم أثناء عمله في تجنيد واستخدام السود أن "الزنجى كان ضحية لرأيين متطرفين " ففى النموذج الإيجابى فاق السود البيض فى ورعهم وطبيعتهم البسيطة مع التضحية بالنفس لذا كانوا يمثلون العم توم .
وهذا هو نموذج المسيحي الطيب وبذلك أصبحو مصدرا للخلاص الفردى والوطنى ، وفى النموذج السلبى كان السود هم الشيطان مجسدا ، إذا ماتم تسليحهم سوف يغتالون الرجال البيض ويغتصبون نسائهم ، ويتجه النموذجان نحو اعتبار السود عديمى الكفاءة أو الشجاعة كجنود وهكذا لم يساعد ذلك ستانتون على النظر للرجل الأسود باعتباره شيطانا أوملاكا ، ويضيف دوجلاس مؤكدا:"إنه إنسان ويجب أن يُعامل على أنه كذلك بصورة مجردة " فالجنود السود شأنهم شأن البيض بعضهم شجاع ، وآخرون جبناء ، بعضهم طموح ومُلْهم ، وآخرون متبلدو الاحساس ، وعند تشكيل قوات من السود على الحكومة أن تتوافق مع تلك الحقائق ".
هنا قاطعه ستانتون فجأة متسائلا:" كيف للظروف الحالية المحيطة بالقوات السوداء أن تتضارب مع أرائك ؟".
وكان رد دوجلاس :"فى الأجر غير المتساوى الذى يتقاضونه ، ولايوجد ما يحفزهم ، كما أن التعليمات تحصرهم عند مستوى " النفر"- الجندى العادى – أو عند مستوى الضباط غيرالعاملين " فوجد ستانتون نفسه الآن فى موقف دفاعى فاضطر لشرح الصعوبات والأحكام المسبقة التى يجب تضبيطها قبل تحقيق المساواة المطلوبة ، وقدم وصفا لجهوده فى سبيل صرف نفس مرتبات وملابس وأدوات الجندى الأبيض للسود ، وبالفعل ادعى أنه قدم مشروعا للكونجرس بنفسه فى هذا الشأن وقبله البيت الأبيض لكنه هُزم فى تصويت النواب .
والأكثر من ذلك لم يخبر ستانتون دوجلاس بأنه فى أغسطس سنة 1862 منح الجنرال روفروس ساكستون فى جنوب كارولينا صلاحية حشد وتجميع خمسة ألاف جندى أسود سوف يتلقون "نفس راتب ودرجات الجنود البيض " وكانت عصبيته واضحة عند إصدار القرار، لأنه ألحقه بمذكرة يصر فيها " أن ذلك القرار لا يجب أن يظهر للملأ ، لأنه يتقدم نضج وعي الرأى العام بدرجة كبيرة لا يتحملها " كما لو كان يقدم نصيحته الخاصة ، فتراجع عن تعليمات " الراتب المتساوى " لائذا بقانون الميلشيا الأهلية الصادر فى يوليو عام 1862 الذى ينحاز ضد المتطوعين السود بمنحهم راتبا كعمال فقط (وهو سبعة دولارات فى الشهر ) لا كجنود(ثلاثة عشر دولارا شهريا ) لكنه كان صريحا مع دوجلاس وكان ليخبره بما قاله لمنتقديه من البيض :" إن بعض سرايا الجنود البيض قد شكوا من مساواتهم بالجنود الزنوج وإن ذلك ( الراتب المتساوى ) سيمنع تطوع الجنود البيض" وادّعى – بدلا من ذلك – أنه كان يبذل كل مافى وسعه لمنح السود نفس راتب البيض .
شعر دوجلاس بأن ستانتون يداهنه فى الحديث وأن مجرى الحديث قد يتحول إلى عراك ، ولو كان على حساب إنجاح مهمته – كما قرر- فلابد والحال هذى من التوافق ، لذا أخبر ستانتون أن الراتب على المدى البعيد ليس له أولوية حالية ، فالجنود السود لهم قضية بعيدة تماما عن الراتب أو الدرجة ، بل هم يسعون لنيل حرية جنسهم والإقرار بأنهم مواطنون أمريكيون .
وجاء دور ستانتون ليتوافق مع ضيفه ، فهو حقيقة رغب فى توفير أجور متساوية من أجل السود- وكرر ذلك مرات – وسعى لجعل الكفاءة استحقاقا للترقية بغض النظر عن الجنس ، وقد أقسم على ترقية كل رجل أسود يوصى به ضابطه الأعلى ، وعندئذ ليبين لدوجلاس كم هو صادق عندما عرض عليه العمل معه كضابط عامل ، وعده بوظيفة مساعد ضابط التعليمات للمعاونة فى تجنيد الرجال المحررين فى الجنوب .
وقد أكد ستانتون لدوجلاس مدى احتياجه له وتساءل متى يكون جاهزا لذلك ، فأجابه دوجلاس "خلال أسبوعين " و"يمكن لك أن ترسل لى التعليمات فى روشيستر ."
عندئذ أمره ستانتون " بالرجوع إلى الجنرال لورنتزو توماس " المسئول عن تنظيم القوات السوداء فى فيكسبرج بولاية المسيسبى وأن يتعاون معه فى حشد هذه القوات " كما أمره بلقاء جون أوشر وزير الداخلية للحصول على تصريح مرور يسمح له بالسفر بحرية عبر خطوط الاتحاد ، بهذا أنهى ستانتون المقابلة .
أصاب دوجلاس الذهول ، فهو قد ناقش وحاجج عشرات من المسئولين لكنه لم يرَ مثل ستانتون رجلا نافذا ، إذ لم يمتدحه ستانتون حتى ولا مرة واحدة وإنما طلب منه مباشرة أن يصبح أول مساعد ضابط تعليمات أسود فى تاريخ الجيش الامريكى ، وكان ذلك أقصى مشاركة يمكن لستانتون تقديمها ، وبذلك يمكن للشرائط الذهبية " رتبة الضابط " على أرضيتها الزرقاء أن تعلو كتف رجلٍ أسود !.
وملك دوجلاس نفسه بصعوبة بينما أصابت الدهشة بوميروى الذى كان حاضرا طوال اللقاء ، الذى أدرك أن ليس له مكان بجانب مهارة دوجلاس فى مخاطبة الجماهير، فى عصر كان الخطباء العظام يتساوون فيه مع نجوم الرياضة ، فقام بتدوين بعض الملاحظات الفكرية بشأن تحسين وتطوير أسلوبه الخطابى، ثم اقتاد دوجلاس إلى مكتب أوشر رغم أنه كان لا يزال تحت تأثير صدمة ذلك الرجل الأسود ، فى حين قام أوشر- الذى علم بزيارة دوجلاس عبر أحد المساعدين – ليقابلهما فى الحال وكتب المذكرة التالية :



"إدارة الداخلية
واشنطن د.س العاشر من أغسطس 1863
إلى من يهمه الأمر/ـــــــــــــــــــــــــــــــ
حامل هذا التصريح ، فردريك دوجلاس معروفٌ لنا كرجل حر مخلص ، لذا هو مكلف بالسفر دون إعاقة ، ونحن واثقون أنه سيكون معروف فى كل مكان كرجل حر وسيد مهذب .
مع احتراماتى
ج .ب أوشر وزير الداخلية"
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مقطع من ترجمة محمد المغربي.. جديد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
جماعة ابحار الادبية  :: عـالـم الســرد :: الرواية-
انتقل الى: